New Star
عدد المساهمات : 307 تاريخ التسجيل : 24/03/2011
| موضوع: حوار مع الغفلة الإثنين أكتوبر 28, 2019 2:47 pm | |
| حوار مع الغفلة دخلت شرفة مكتبي فوجدت كتاباً ملقى على الأرض .... نظرت مستغرباً ومتسائلاً !! من الذي وضعه هنا ؟! إنني حريص على ترتيب مكتبتي .فمن الذي رماه على الأرض ؟! هل سقط هو بنفسه ؟! أم أن شخصاً عبث بكتابي ؟! مددت يدي مرة أخرى لتناول الكلمة فقالت : لا تمسكني ! نظرت إليها مستغرباً . وإذا بها كلمة ( الغفلة ) . قلت:أكلمة تتكلم ؟!! قالت:نعم .... إذا كثرت الغفلات نطقت الكلمات . قلت وما قصدك. الغفلة: أعني أن هناك ضربين للغفلة عامة وخاصة، فأما العامة فهي غفلة الكفار عن الإسلام،وأما الخاصة فهي التي تخصك. قلت: وما هي ؟!. الغفلة: هي غفلتك وغفلة بعض المسلمين عن المعاني الإيمانية فإنكم قليلوا المراقبة ، قليلوا المجاهدة، قليلوا المحاسبة، قليلوا التوبة. قلت: نعم كلامك صحيح ، فأنا قوي من الناحية الثقافية إلا أنني ضعيف من الناحية الإيمانية ، وأعيش في غفلة . فما السبب يا(غفلة ) ؟! الغفلة: السبب واضح ، فمراقبة الغافلين هي السبب ، لأنهم يجملون لك القبيح ، ويزينون لك االسيئات ، ولهذا نهى الله تعالى عن صحبتهم وطاعتهم بقوله تعالى : {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}[الكهف:من الآية28]أما من جاور الكرام فقد أمن من الإعدام . قلت:وكيف تتحقق ( الغفلة القلبية )؟ الغفلة حين يتجه الإنسان إلى ذاته ، وإلى ماله ، وإلى أبنائه ، وإلى متاعه ولذائذه وشهواته ، فلم يجعل في قلبه متسعاً لله).عند ذلك تتحقق الغفلة القلبية والتي نهى الله عن اتباع من كان قلبه غافلاً بقوله : {وَلاتُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا } [الكهف : من الآية28] قلت:وهل تظنين أن مرافقة أهل الغفلة له أثر ؟! الغفلة:اعلم يا عبد الله ( أن الدخان وأن لم يحرق البيت سوده ) قلت: إنه لمثل جميل ، ولكن ما مظاهر الغفلة الإيمانية في القلب ؟ الغفلة: تجد الغافل لا يفرح إذا ما اختلى بالله عز وجل . وتجده لا يأنس ولا يضرب لذكر الله تعالى وقراءة كتابه . وتجده لا يشتاق للنظر إلى وجه الله عز وجل . ولهذا قال الله تعالى : {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف:205]. قلت متحمساً :نعم هذه هي مشكلتي فإنني اعتدت على ذلك ، فلا آنس بالخلوة مع الله تعالى وكثرة ذكره .ثم عاد فقال : ولكن أريد منك أن تضربي لي مثالاً على أثر الغفلة في حياتي حتى أزداد فهماً وقناعة. الغفلة: هب أنك ضعفت في صحراء قاحلة ، ونفذ طعامك وشرابك حتى كدت تموت جوعاً ، واستسلمت لشبح الموت ، وبينما أنت في انتظاره ، رأيت قافلة بعيدة ، فقفزت قائماً ، وأسرعت للحاق بها ، وبينما أنت تجري دخلت شوكة في قدمك فنظرت إلى أسفل ، ثم رفعت بصرك وإذا بالقافلة قد اختفت عن ناظريك . قلت: وأين معنى الغفلة هنا ؟ الغفلة: النظر إلى أشواك الدنيا يا عبد الله قلت: وما أشواك الدنيا؟ الغفلة: هي التعلق بالدنيا ، وميلان القلب إلى النساء والمال والمنصب والزينة وتقديمها على حق الله تعالى، فحينما تتحقق الغفلة بأنواعها المختلفة من غفلة القلب أو اللسان أو الأذان أو العين ، يكون المرء من أهل البلاء. قلت:لقد تذكرت جملة قد قرأتها منذ زمن ، وهي قول لأحد العارفين حين قال : إذا رأيتم أهل البلاء فاسألوا الله العافية. ثم قال : أتدرون من هم أهل البلاء ؟ هم أهل الغفلة عن الله سبحانه. الغفلة: نعم هذا صحيح ( فطوبى لمن تنبه من رقاده ، وبكى على ماضي فساده، وخرج من دائرة سداده ، عساه يمحو بصحيح اعترافه وقبيح اقترافه قبل أن يقول فلا ينفع ، ويعتذر فلا يسمع ) فالتفتت الغفلة إلى عبد الله وإذا بعينه تذرف دمعاً. فقالت له: (ربما عثرة تعتري المسلم في طريقه دلته على تقصير في الطريق فيزداد عملاً وتقوى )، ثم قالت: ولكني أبشرك يا عبد الله فليس كل غفلة محمودة. قلت:وهل هذا يعقل ؟! الغفلة:نعم وقد تحدث عنها مطرف بن عبد الله – رحمه الله – حين قال: (لو علمت متى أجلي لخشيت على ذهاب عقلي ، ولكن الله منّ إلى عباده بالغفلة عن الموت ، ولولاها ماتهنَّأوا بعيش ولا قامت بينهم الأسواق ) ، فهذا هو المعنى الوحيد الحسن لإسمي ،إلا أن الناس في غفلة عنه. قلت: صدقت والله. الغفلة: ولكن هناك معنى أخير ، لم أتطرق له. قلت: وما هو ؟ فإنني في حاجة إلى فهم الغفلة فهماً شاملاً ، حتى أعرف كيف أرتقي بنفسي وأصلح سريرتي. الغفلة: أما المعنى الأخير فهو معرفة السبب الرئيسي للاستهزاء بالناس ، والنظر إلى عيونهم، وهو بالغفلة عن النفس ، كما قال عون بن عبد الله – رحمه الله – في صفة الصفوة (ما أجد أحداً تفرغ لعيب الناس إلا من غفلة غفلها عن نفسه ) فأتعظ يا عبد الله، ولا تغفل عن ذكر الله، وتذكر الناس. قلت:بارك الله فيك يا غفلة، وأسأل الله أن يعينني عليك منك. الغفلة: وأنت كذلك بارك الله فيك، واحرص على عدم غفلة القلب إيمانياً حتى تكون من المتقين، وتُدْعى إن شاء الله تعالى قلت: وأي عرس ذلك؟ الغفلة: ( عرس المتقين يوم القيامة )، فمن وفق للهداية فرح بالعرس وبورك له فيه ، ومن كان غافلاً قيل له:{فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا}[الأعراف: من الآية51] ، ثم مد عبد الله يده وأخذ الكلمة وهو فرح بهذه الفوائد التي سمعها ، وعزم على أن يراقب قلبه ، حتى لا يغفل عن ربه ، ثم فتح الكتاب ووضع الكلمة محلها ثم أغلق الكتاب ووضعه في المكتبة وأخذ يكرر :اللهم لا تجعلني من الغافلين .اللهم لا تجعلني من الغافلين. بشرى لكل شاب. ثم قال : (( سبعة يظلهم الله فيظله يوم لا ظلَّ إلا ظلَّهُ ........... ومنهم ........ شاب نشأ في طاعة الله ))[ متفق عليه ] .إن الناس يوم القيامة تدنو منهم الشمس ويبلغ منهم العرق كل مبلغ ويصيبهم من الأهوال ما يصيبهم .... وبينما الناس كذلك هناك من هو ينعم بظل عرش الرحمن ... أخي الشاب .... هل طموح الشباب وعزيمته يعجزان عن السعي لإدراك هذا الفضل؟! .
منقول لابتغاء الأجر
| |
|